
شهد سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، محاضرة استضافها مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله» بقصر البطين، بعنوان «الأسرة شريك في التعليم» ألقاها البروفيسور باسي سالبيرغ الخبير التربوي والباحث والمؤلف الفنلندي، والتي أكد خلالها أن الطريقة الأكثر فاعلية لتعزيز ما وصفها بـ«الصحة الرقمية» للأطفال، تتمثل في إعلاء المسؤولية المشتركة والتعاون الذكي بين الأسرة والمدرسة.
وشهد المحاضرة، التي أقيمت في مجلس محمد بن زايد بقصر البطين في أبوظبي، معالي الدكتور أحمد بن عبد الله حميد بالهول الفلاسي وزير التربية والتعليم ومعالي سارة عوض عيسى مسلم وزيرة دولة للتعليم المبكر رئيس الهيئة الاتحادية للتعليم المبكر رئيس دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي بجانب عدد من القيادات التعليمية وكبار المسؤولين في مجال التعليم، وعدد من كبار المسؤولين وأعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية في عدد من مؤسسات الدولة التعليمية والأكاديمية.
محاور
وركّزت المحاضرة، على 5 محاور رئيسة هي فضل توافر الأجهزة الرقمية في المنازل، الرفاهية والصحة جانبان مهمان في المناهج المدرسية ومخرجاتها، تأثير العوامل غير المدرسية على تحصيل الطلاب، التعاون بين المعلمين وأولياء الأمور في تعزيز الدراسة في المنزل، بناء شراكات بين المدارس والأسرة والمجتمعات لمواكبة مستقبل التعليم.
تصويري
وبدأت المحاضرة، التي أدارتها الدكتورة مي الطائي مديرة كلية الإمارات للتطوير التربوي، بعرض فيلم تسجيلي، يستعرض جهود دولة الإمارات في تطوير العملية التعليمية، وأهمية استخدام الأساليب التعليمية الحديثة والمتطورة في رفع قدرات الطلبة وزيادة تحصيلهم الدراسي، بما يسهم في تأهيلهم ورفع جاهزيتهم.
وأشار البروفيسور باسي سالبيرغ، إلى أن 60% من أسباب التباين في درجات اختبارات الطلبة بالمدارس تعود إلى «العوامل الأسرية»، مثل المستوى التعليمي للوالدين ومهنتهما، والخصائص الاجتماعية والاقتصادية المجتمعية، مشدداً على أن تنشئة الأطفال «أصبحت أكثر صعوبة بسبب استخدامهم للوسائط والتقنيات الرقمية في المنازل».
ونوه إلى أن الطريقة الأكثر فاعلية لتعزيز ما وصفها بـ«الصحة الرقمية» للأطفال، تتمثل في إعلاء المسؤولية المشتركة والتعاون الذكي بين الأسرة والمدرسة، مُحدداً «3 ممارسات تربوية» لتعزيز الشراكة بين أولياء الأمور والمدرسة، الأولى تعتمد على اعتبار أولياء الأمور شركاء في العملية التربوية وليسوا «متلقي خدمة»، ولاسيما في الدول التي تعتبر التعليم المدرسي سلعة، والوالدين مستهلكين في أسواق التعليم المتطورة، والثانية تركّز على بناء علاقات تقوم على «الثقة المتبادلة» بين الطرفين، والأخيرة تعمل على بناء «الصحة الرقمية» للجميع.
تجربة
بعد ذلك استعرض المحاضر جانباً من تجربته الحياتية والمهنية، وأهم الدروس المستفادة، وقال: إنه لطالما كانت المدرسة مسؤولة عن اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة للنجاح وتوفير تعليم جيد للأطفال والشباب، وحتى وقت قريب كانت المدرسة المكان الرئيس للحصول على المعارف اللازمة للنجاح في المستقبل، وكان للآباء دور حاسم في تعليم أطفالهم وتنشئتهم، بما في ذلك غرس القيم، وتهذيب السلوك، وتعزيز الصحة، وإكسابهم المهارات المختلفة للحياة اليومية، لافتاً إلى أن تغييراً شاملاً طرأ على هذا النموذج، وظهرت أفكار جديدة لنظم التعليم، بعضها نتيجة جائحة «كوفيد -19»، حيث بات يستطيع الطلاب اليوم تعلّم معظم المعارف والمهارات التي كانت تُدرّس حصرياً في المدارس في السابق، من خلال وسائل بديلة، مثل الوسائط والتقنيات الرقمية.
وقال سالبيرغ: «لقد أصبح اليوم التعلّم غير الرسمي خارج ساعات الدراسة التقليدية جزءاً لا يتجزأ من التعليم الرسمي في العديد من البلدان، وبات من الممكن للطلاب الحصول على شهادات تدل على اكتسابهم المعارف والمهارات بشكل مستقل وتعترف بها مدارسهم والسلطات التعليمية في بلدانهم، كما أدّت الفرص الجديدة للتعلم الذاتي الموجه إلى تغيير في دور الوالدين تجاه تعليم أطفالهم، وفي الوقت نفسه، مع امتلاك الأطفال القدرة على التعلم في المنزل باستخدام الأجهزة الرقمية، قد تتسع الفوارق في المخرجات التعليمية بين الطلبة الذين لديهم إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة وأولئك الذين لا يستطيعون الوصول إليها».
هواتف ذكية
وأضاف: «بعض الأبحاث التي أجريت في أستراليا وكندا كشفت عن اختلاف أساليب الوالدين في توجيه استخدام أطفالهم للوسائط والتقنيات الرقمية، لأسباب تتعلق بالظروف الاجتماعية والاقتصادية، حيث يسمح حوالي ثلث أولياء الأمور في أستراليا لأطفالهم باستخدام الهواتف الذكية في السرير كل ليلة، وترتفع هذه النسبة إلى النصف في الأسر ذات الدخل المنخفض، وغالباً ما يستخدم الطلاب الذين يواجهون صعوبات تعليمية في المدرسة أجهزتهم الرقمية في السرير كل ليلة»، مؤكداً أن رفاهية الأطفال، التي تشمل «الصحة الرقمية» والصحة العامة، أصبحت تمثل جانباً حاسماً في المناهج المدرسية في جميع أنحاء العالم.
ولفت الخبير التربوي العالمي، إلى أنه لا يمكن تحميل المدارس المسؤولية عن صحة الأطفال، ولكن هناك جوانب مثل السلامة، والشعور بالانتماء، والرفاهية البدنية أصبحت اعتبارات مهمة في الخطط التعليمية، موضحاً أنه بما أن الآباء هم المربون الأساسيون والمسؤولون عن صحة أطفالهم ورفاهيتهم، فقد بات من الضروري إيجاد شكل جديد من التعاون بين المدرسة والمنزل. وذكر سالبيرغ أن الكثير من الأبحاث في جميع أنحاء العالم تدعم فكرة تأثير مشاركة الوالدين في تعلم الأطفال والأنشطة التعليمية في تحسين المخرجات التعليمية للأطفال والأسر والمجتمعات، ومع ذلك، توجد وجهات نظر مختلفة حول ماهية المشاركة المفيدة للوالدين في التعليم، مشدداً على أنه عندما تكون هناك شراكات وثيقة بين المعلمين وأولياء الأمور، تصبح النتائج الإيجابية أكثر وضوحاً، خاصة فيما يتعلق باحتياجات الأطفال التعليمية والصحية.