
وصف الفنان اللبناني مازن خداج، دبي بالمحطة المهمة للمبدعين، مشيراً إلى ما تقدمه المدينة من تميز في كل المناحي، من الفن إلى الثقافة والخدمات الصحية والسياحية وغيرها، معرباً عن سعادته بمعرضه الأول في دبي، الذي يحمل عنوان «العثور على الذات»، ويستمر حتى 10 أكتوبر الجاري في «أوربنست آرت غاليري».
يعكس خداج في لوحاته بحثه عن الأنا، لاسيما بعد محاولة تخطيه العديد من الأزمات والأوقات العصيبة، فكانت الألوان وسيلته لترجمة المشاعر الذاتية. وتنقسم أعمال المعرض إلى مجموعتين: الأولى تحمل اسم «فقد ووجد» ويعبّر فيها الفنان عن لحظات الضياع، لينقل المتلقي إلى عثوره على نفسه مع المجموعة الثانية، وعنوانها «ذاتي».
حالة نفسية
تعكس اللوحات التي يقدمها خداج الحالة النفسية التي مر بها، فألوانه شديدة الإخلاص لمشاعره وأحداث حياته، لذا يجدها الزائر تترجم حالات الخسارة والانكسار، وإعادة بناء الذات. وتبرز ألوانه المشاعر التي اعترته عندما جردته الحياة من كثير من الأمور، ومنها والده ووطنه، وكيف عمل على إعادة ترميم وجدانه وذاته، فكانت اللوحات طوق النجاة من كل الظروف الحياتية.
وقال خداج لـ«الإمارات اليوم»، عن معرضه الأول في دبي: «بدأت برسم هذه الأعمال في عام 2021، وتترجم ما مررت به في 2020، إذ عانيت أكثر أزمة في حياتي على المستوى العام المرتبط ببلدي لبنان وما نجم عن انفجار مرفأ بيروت، فضلاً عن أزمات طالت حياتي الشخصية، ومنها وفاة والدي بسبب (كورونا)، وانتقالي من مدينة إلى أخرى في ألمانيا».
وأضاف: «خسرت كثيراً من الأمور، وربحت بالمقابل أشياءً أخرى، وترجمت كل هذه المشاعر من خلال الألوان، فحالة الفقد التي عانيتها، هي التي جعلتني اكتشف الكثير عن نفسي، لأن الفقدان يجعل المرء يبحث عن الشجاعة والقوة بداخله».
عفوية
ولفت خداج إلى أنه مر بمرحلة من الاكتئاب، ولكن هذه المجموعة كانت المنقذة له، ولذا تحمل ألوانه الكثير من القوة، كما أن المجموعة اللونية التي يعمل عليها اختلفت نتيجة انتقاله للعيش في ألمانيا، إذ باتت أكثر تشبعاً بالطبيعة وبألوان الإضاءة المختلفة في هذا البلد.
وأشار إلى أنه يميل إلى التلقائية والعفوية في العمل الفني، فهو يثق بالموهبة والأفكار ويمنحها الحرية التامة، ولا يسعى إلى ضبطها بأي نوع من القيود، لاسيما أنها تشكل المنقذ في أي وقت.
وأوضح خداج، الذي يعمل في مجال إنتاج الأفلام، أن «جمعه بين التشكيل وتصوير الأفلام، يجعله شخصين يلتقيان في مكان خاص». وعن الاختلاف في تعاطيه مع اللوحة والأداء التصويري، أضاف: «يتيح لي التصوير التطرّق إلى موضوعات سياسية وقضايا كبيرة كالعنصرية أو غيرها من الأفكار الصادمة، ولكن العفوية في التصوير تكون مدروسة، وهذا يختلف عن التعاطي مع اللوحة الثنائية الأبعاد».
ورأى أن اللوحة تجربة مختلفة، وغالباً ما تكون شخصية، فلا يطرح الأسئلة عندما يرسم، بل يتتبع اللون وقد تخرج الفكرة الحقيقية بعد رسم وتجريب أكثر من عمل. وأكد أنه عمل بالأداء التصويري على موضوعات شخصية، ومنها تصوير والده على فراش الموت قبل ثلاث ساعات من وفاته، ومن ثم إنتاج أكثر من فيلم عن موته وعلاقته مع والده.
بين البساطة والعمق
يتنقل خداج في موضوعات لوحاته بين البساطة والعمق، معتبراً أنه حين يرسم اللوحات ويضع لها عنواناً بسيطاً، قد يبدو للبعض بأنها تنتمي لذلك النمط السهل، ولكنها واقعياً تحمل عمقاً حقيقياً في معناها، مشدداً على أن العنوان ليس دائماً هو الذي يوحي بأن الرسومات المقدمة عميقة أم لا.
وحول الاستدامة في الفن ومدى قابلية تطبيقها، رأى أنه من الممكن أن ينجز أعمالاً تركيبية مستدامة، بينما في اللوحات قد يكون من الصعب تقديم ذلك.
ونوه بأن معرضه الأول في دبي يُعدّ فرصة ثمينة له كفنان، إذ باتت هذه المدينة محطة مهمة للفنانين ومتميزة بما تقدمه في الفن والثقافة والخدمات الصحية والسياحية، ووجود أي مبدع لعرض أعماله فيها، يؤكد على الاستمرارية في الفن.
مازن خداج:
• معرضي الأول في دبي فرصة ثمينة.. ووجود أي فنان فيها يؤكد استمراريته.
• أميل إلى التلقائية في العمل الفني، إذ أثق بالموهبة وأمنحها الحرية التامة.
توقيت مناسب
قالت القيّمة الفنية، مي الحاج، لـ«الإمارات اليوم»، عن عملها في معرض مازن خداج: «شعرت بأن هذا هو التوقيت المناسب كي يعرض الفنان أعماله في دبي، إذ التقيته في لبنان ونسقت معه لتقديم المعرض». وأضافت أن «كل ما تم تقديمه في المعرض كان سلساً، خصوصاً مجموعة الفترة الأخيرة التي تعبّر عن التغييرات التي طالت ألوانه، لاسيما أنه يعكس من خلالها ذاته التي وجدها وعثر عليها».
ورأت الحاج أن «دبي تتميز اليوم بكونها تلعب دوراً لافتاً في سوق الفن العالمية، فهناك محطات مهمة للمعارض الفنية فيها، منها (آرت دبي) و(أسبوع دبي للتصميم)، وهذا كله ينعكس إيجاباً على مسيرة أي فنان يوجد هنا».